سبب الفوضى في تصويت مجلس العموم على وقف اطلاق النار في عزة
بماذا تورط رئيس مجلس النواب البريطاني؟ ولما المطالبات بحجب الثقة عنه؟ وما حقيقة القرار الذي اتخذ بشأن غزة؟
كان يوم أمس الأربعاء حافلا ومثيرا في مجلس النواب البريطاني بسبب الفوضى في تصويت مجلس العموم على قرار يدعوا الى وقف اطلاق النار في غزة وإيقاف الحرب الدائرة في القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي 2023, ما حدث في المجلس الموقر وصف بأنه انتهاكات صارخة من رئيس المجلس لصلاحياته الدستورية وأدى الى الفوضى في تصويت مجلس العموم على القرار وانسحاب ممثلي الحكومة وأيضا أعضاء الحزب الوطني الاسكتلندي الذي كان الطرف الداعي للاجتماع لتقديم مقترح وقف اطلاق النار, فما الذي حدث؟ وما دور حزب العمال وحزب المحافظين؟ ولما الأصوات تتعالى لحجب الثقة عن رئيس مجلس النواب البريطاني عقب الفوضى في تصويت مجلس العموم؟
الفوضى في تصويت مجلس العموم
نبدأ من حيث انتهينا في المقدمة, فأخر الأخبار الواردة بحسب تسريبات صحيفة الميرور البريطانية تفيد بأن السير ليندساي هويل (رئيس مجلس العموم البريطاني) يكافح ,بالمعنى الحرفي للكلمة, حاليا من أجل بقائه كرئيس لمجلس العموم بعد أن انزلق المجلس إلى حالة من الفوضى في تصويت مجلس العموم الليلة الماضية بسبب المقترح والتعديلات التي طرأت عليه لوقف إطلاق النار في غزة.
ومن المقرر أن يجري رئيس البرلمان محادثات مع زعماء الأحزاب اليوم الخميس بشأن الخلاف بعد أن وقع أكثر من 50 نائبا ,ارتفعوا عند اعداد هذا المقال الى 60 نائبا, على اقتراح بإعلان عدم الثقة في للبقاء منصبه. وقد اقترحت إحدى الوزيرات في الحكومة ,ماريا كولفيلد, أنها لن تدعم الآن رئيس المجلس عقب الفوضى في تصويت مجلس العموم التي حدثت بالأمس وقالت أن بقاءه في منصبه أصبح الآن “صعبًا”.
أقرأ أكثر:
- مجلس اللوردات رفض خطة رواندا للاجئين بإغلبية 214 صوت
- البرلمان البريطاني يقر خطة رواندا لترحيل اللاجئين بدء من 2024
- بوريس جونسون يغادر البرلمان البريطاني لأول مرة منذ عام 2001 !
ماذا كان يقترح الحزب الوطني الاسكتلندي؟
وصل النقاش برمته إلى مجلس العموم حيث استخدم الحزب الوطني الاسكتلندي مناظرة يوم المعارضة المخصصة له للضغط من أجل “وقف فوري لإطلاق النار” في غزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس، و”وضع حد للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
هذه المقترحات التي تقدم بها الحزب الوطني الاسكتلندي لم تكن من أجل التصويت على قرار بل من أجل المناقشة في مجلس النواب, لكن ما حدث أن ذلك الأمر لم يتم بعد تدخل من كير ستارمر رئيس حزب العمال وتقديم تعديل على اقتراحات الحزب الاسكتلندي لتخفيف حدة المطالب المراد نقاشها ,وقد تبنى رئيس مجلس النواب السير ليندساي هويل موقف كير ستارمر وكان أحد أسباب الفوضى في تصويت مجلس العموم التي حدثت بالأمس.
وكان الحزب الوطني الاسكتلندي قد اقترح آخر اقتراح مماثل للذي اقترحه في جلسة الأمس في نوفمبر الماضي، مما أدى إلى أكبر تمرد على مستوى قيادة كير ستارمر في مجلس العموم مع استقالة ثمانية من أعضاء البرلمان وقتها.
ماذا فعل حزب العمال في الفوضى في تصويت مجلس العموم؟
في محاولة لدرء التمرد من قبل أعضاء حزبه هذه المرة، قدم كير ستارمر تعديلاً لرئيس مجلس النواب على اقتراحات حزب الوطني الاسكتلندي . ودعا التعديل إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية” وشدد أيضًا على أن هذا يشمل موافقة الجانبين على إلقاء أسلحتهما وإعادة جميع الرهائن. كما أدخلت الحكومة تعديلاً مدته 11 ساعة يدعو إلى “هدنة إنسانية فورية” والهدف ادخال المساعدات الاغاثية لسكان قطاع غزة.
ماذا فعل رئيس مجلس النواب؟
وحتى بدء مناقشة وقف إطلاق النار بعد ظهر يوم الأربعاء، كان رئيس مجلس النواب منخرطًا في محادثات مع مسؤوليه حول التعديلات التي سيتم اختيارها على المقترح الاسكتلندي. وبعد لحظات أعلن قراره، وقال للنواب إنه يريدهم أن يفكروا في “أكبر مجموعة ممكنة من الخيارات”، بما في ذلك تعديلات حزب العمال والحكومة ممثلة بحزب المحافظين.
أدى هذا التصرف إلى ترويج صرخات “مخزية” صدرت عن العديد من النواب, بينما صرخ أحد أعضاء البرلمان من حزب المحافظين السير ديزموند سوين أيضًا “أعيدوا بيركو!” – إشارة إلى رئيس مجلس النواب السابق المثير للجدل جون بيركو الذي كان يتولى الرئاسة خلال سنوات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المضطربة. وساد بعدها الكثير من الفوضى في تصويت مجلس العموم على الاقتراحات المقدمة.
لماذا كان قرار رئيس مجلس العموم مثيراً للجدل؟
اعترف رئيس مجلس النواب بأن قراره كان خطوة استثنائية. بموجب العرف، عندما تقدم الحكومة تعديلاً على اقتراح مناقشة قدم من قبل المعارضة، عندها سيتم التصويت على الكلمات الأصلية للاقتراح أولاً، وإذا تم رفضه، فسيتم طرح الصياغة البديلة للحكومة للتصويت.
لذلك كان من المتوقع أن يتم اختيار تعديل الحكومة لاقتراح الحزب الوطني الاسكتلندي للمناقشة مع التصويت عليهما. وبدلاً من ذلك، قام السير ليندساي بتمزيق الاقتراح السابق الاصلي للحزب الوطني الاسكتلندي ,وأيضا لم يأخذ بتعديل الحكومة ممثلة بحزب المحافظين, بل أعلن أنه سيختار تعديل حزب العمال (الذي سيتم التصويت عليه أولاً).
بمعنى أن ليندساي هويل رئيس مجلس النواب قدم ثلاث خيارات للتصويت على أعضاء المجلس لكنه قدم الأولوية لاقتراح حزب العمال ,ومن ثم تليه بقية الاقتراحات, ولهذا السبب امتنع أعضاء الحزب الوطني الاسكتلندي عن التصويت ,وحذا حذوهم أغلب أعضاء حزب المحافظين وغادر قسم كبير من الجانبين الجلسة بعد الفوضى في تصويت مجلس العموم التي رافقت طرح رئيس المجلس لأولويات التصويت.
وقد تم تحذير السير ليندسي من قبل كاتب مجلس العموم توم جولدسميث بشأن الطبيعة غير المسبوقة لقراره قبل الصدام مع النواب. وقال المسؤول الكبير، وهو كبير مستشاري مجلس النواب لشؤون الإجراءات البرلمانية، إنه شعر “بأنه مضطر للإشارة إلى أن الاتفاقيات الراسخة لا يتم اتباعها في هذه الحالة”.
لماذا هذا الأمر؟
وانتهى الأمر بالحكومة إلى مقاطعة التصويت وتم إقرار تعديل حزب العمال، مما أدى الى الفوضى في تصويت مجلس العموم ,وأيضا إلى إنهاء المناقشة فعليًا. وهذا يعني أن الحزب الوطني الاسكتلندي – على الرغم من دعوته لإجراء المناقشة – لم يتمكن من التصويت على اقتراحه الذي يطالب “بوقف فوري لإطلاق النار”.
كما أدى ذلك إلى تجنب كير ستارمر لتمرد قد يكون ضارًا. وكان زعيم حزب العمال قد واجه تهديدًا باستقالة أعضاء الجبهة حتى يتمكنوا من دعم اقتراح يقوده الحزب الوطني الاسكتلندي يطالب بـ “وقف فوري لإطلاق النار”.
واضطر أحد كبار الشخصيات في حزب العمال إلى إنكار أن كير ستارمر قد أخبر السير ليندسي أنه لن يحظى بدعم الحزب ما لم يطرح تعديل الحزب للتصويت!
وقال بات مكفادين، منسق الحملة الوطنية للحزب، لبي بي سي صباح الخميس:
- “هذا غير صحيح على الإطلاق. لقد سمعت تلك الشائعات بالأمس، وتحققت من ذلك قبل الحضور. وعندما اتخذ رئيس مجلس النواب قراره بالسماح بجميع المقترحات الثلاثة، توقع أن “يجب على الحكومة أن تحضر، وما لم يتم التركيز عليه هو قرارهم بالانسحاب من المناقشة لأنهم لم يكن لديهم الأرقام اللازمة لاقتراحهم الخاص”.
فيما شنت عضو مجلس العموم عن حزب المخافظين ,ومرشحة رئاسة مجلس الوزراء السابقة بيني موردونت أيضًا هجومًا مريرًا على السير ليندساي، مدعيةً أنه “اختطف” النقاش و”قوض ثقة” مجلس النواب. وقالت:
- “للأسف، أدخل السيد رئيس مجلس النواب نفسه في هذا الخلاف بقرار اليوم وقوض ثقة هذا المجلس في قدرته على الاعتماد على أوامره القائمة منذ فترة طويلة لتنظيم مناقشاته”.
كيف رد رئيس مجلس النواب على الفوضى في تصويت مجلس العموم؟
عاد رئيس مجلس النواب إلى مجلس العموم بعد وقت قصير من إقرار تعديل حزب العمال واقترب من البكاء عندما اعتذر للنواب عن واحدة من أكثر المناقشات سخونة منذ سنوات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال:
-
“اعتقدت أنني كنت أفعل الشيء الصحيح والأفضل، وأنا نادم على ذلك، وأعتذر عن الكيفية التي انتهى بها الأمر”.
وقال إنه اتخذ القرار بالسماح لجميع الأطراف “بالتعبير عن آرائهم” وأنه “قلق للغاية بشأن أمن” النواب الذين تلقوا تهديدات شخصية بسبب موقفهم من الصراع في غزة. لكن بعض نواب الحزب الوطني الاسكتلندي ما زالوا يطالبون السير ليندسي بالاستقالة في الغرفة الليلة الماضية عقب الفوضى في تصويت مجلس العموم وحجب مقترحهم للمناقشة.
ومن المضحك بالأمر أن السير ليندساي هويل لم يرضي بالأمس لا المعارضة ولا الحكومة ,وغالب الأمر أنه سيخسر منصبه !
ماذا يحدث الآن وهل رئيس مجلس النواب في ورطة؟
وقع نواب من حزب المحافظين والحزب الوطني الاسكتلندي الغاضبين من رئيس مجلس العموم على اقتراح في وقت مبكر من اليوم في مجلس العموم للتعبير عن عدم الثقة في موقفه عقب الفوضى في تصويت مجلس العموم التي حدثت بالأمس. وبحلول صباح الخميس اليوم، كان أكثر من 50 نائبا قد وقعوا على الاقتراح. والعدد يزيد و يمكن قراءة القائمة الكاملة هنا .
ولحين نشر هذا المقال لم يتبين مصير السير ليندساي هويل ,مع أن كل المؤشرات تصل بنا الى أن الرجل لن يكمل في منصبه عقب الفوضى في تصويت مجلس العموم والمخالفات الدستورية لمجلس النواب التي وقع بها واعترف بها أيضا.