منع ترحيل المهاجرين الى رواندا وبدء حجب الثقة عن سوناك 2023
برافرمان تتزعم انقلاب وشيك على سوناك وست نواب سيقدمون على حجب الثقة عن رئيس الوزراء
تتسارع وتيرة الاحداث في بريطانيا بشكل متصاعد وتتجه نحو تأجيج نار الغضب بعد صدور حكم المحكمة الادارية العليا القاضي بنصه حول منع ترحيل المهاجرين الى رواندا في 2023. ومع اقالته لوزيرة الداخلية سويلا برافرمان, يعيش سوناك الآن أسوأ لحظاته السياسية كرئيس وزراء وهو يرى أعضاء حزبه وقد بدأوا بما يشبه الانقلاب عليه والتمترس خلف برافرمان في يمين متطرف لحزب المحافظين, هذا الإنقلاب إن حدث وأتى بثماره ,فسيكون سوناك ثالث رئيس وزراء على التوالي يفقد منصبه نتيجة انقلاب من أعضاء حزبه عليه بعد بوريس جونسون وليز تروس ,فما القصة؟ ومن يقود هذا الانقلاب؟ وما علاقة وزيرة الداخلية المقالة منذ أيام بالقضية؟
منع ترحيل المهاجرين الى رواندا
اصدرت المحكمة الادارية العليا في بريطانيا حكمها النهائي اليوم في قضية ترحيل طالبي اللجوء والمهاجرين الغير شرعيين الوافدين الى شواطئ المملكة المتحدة عبر القوارب الصغيرة بقصد الاقامة في بريطانيا, وكان الحكم مخيبا لآمال ريشي سوناك والحكومة ومفرحا لكل هؤلاء اللاجئين المساكين الفارين من بلادهم بسبب انعدام الامن والقدرة على المعيشة, إذ قضت المحكمة ببطلان خطة الترحيل بشكل نهائي لتعارضها مع اتفاقية حقوق الانسان الاوروبية والتي تعد بريطانيا عضوا فيها, وبالتالي منع ترحيل المهاجرين الى رواندا.
وأفضل طريقة لفهم موضوع منع ترحيل المهجرين الى رواندا هي العودة الى الوراء مسافة 18 شهرا بالتمام والكمال, وشرح خطة الحكومة البريطانية التي طرحت وقتها في عهد رئيس الوزراء بوريس جونسون عبر اقتراح قدمته وزيرة الداخلية بريتي باتيل يقضي بنقل كل من يأتي لاجئا لشواطئ المملكة المتحدة بشكل غير شرعي الى دولة رواندا في افريقيا على أن تتكفل المملكة المتحدة بمنح رواندا الأموال اللازمة لقاء هذا الترحيل.
أقرأ أكثر:
- رسالة برافرمان العنيفة إلى سوناك كاملة في نوفمبر 2023
- إقالة وزيرة الداخلية البريطانية أمر ضروري قبل انتخابات 2024
- الهجرة الغير شرعية الى بريطانيا 2023 وعجز سوناك عن ايقافها !
ما هي خطة ترحيل المهاجرين الغير شرعيين الى دولة رواندا؟
في عام 2022 وقعت حكومة المملكة المتحدة مع نظيرتها حكومة دولة رواندا اتفاق يقتضي بموجبه نقل أعداد متفق عليها من طالبي اللجوء والمهاجرين الغير شرعيين الذين يتوافدون عبر القوارب لشواطئ المملكة ونقلهم الى دولة رواندا الافريقية.
والهدف من الخطة كان إخافة كل من يريد الهجرة بشكل غير شرعي الى بريطانيا, وان مصيره سيكون الترحيل الى دولة رواندا في افريقيا, وبالتالي تخف نسبة اللجوء الى بريطانيا عندما يعرف المهاجر ان مصيره لن يكون بالبقاء بها وإنما الترحيل لدولة أخرى قد تكون ظروفها المادية والأمنية أصعب من بلاده التي فر منها.
وقد شجعت الحكومة البريطانية عبر وزيرة داخليتها أنذاك بيرتي باتيل الخطة عبر توضيح ان رواندا بلد أمن وسيجد المهاجر كل ما يحتاجه, بل أنها قد تكون مجرد محطة للجوء لبلد ثالث أمن والاستقرار به.
وبحسب صحيفة الميرور البريطانية فإن تكلفة هذا المشروع باهظة الثمن بالنسبة للحكومة البريطانية, والتي سلمت بالفعل حكومة رواندا مبلغ 140 مليون جنيه إسترليني دون أي فائدة طبعا نظرا لتوقف الخطة.
ورغم النقاشات المحتدمة في البرلمان البريطاني حول كلفة هذا المشروع إلا أن باتيل شرحت أن الكلفة في البداية ستكون كبيرة لكنها فيما بعد ستتناقص عندما يعلم المهاجر المستقبلي أن لا مكان له في بريطانيا فيعزف عن فكرة اللجوء الغير شرعي الى شواطئها.
ما عدد المهاجرين الذين تم ارسالهم الى رواندا؟
في واقع الأمر لم يتم ارسال اي مهاجر غير شرعي الى رواندا والسبب ببساطة أن أول طائرة جهزت لنقل مجموعة من المهاجرين الغير شرعيين, وقد تم صعودهم إليها بالفعل , بقيت جاثية في مدرج المطار بانتظار البت في حكم قضية الترحيل بعد أن اشتكى طاقم من المحاميين المدافعين عن حقوق الانسان للمفوضية الاوروبية الخاصة بحقوق الانسان ورفعوا دعوى بهذا الخصوص وجاء حكم المحكمة بأبطال هذا الاجراء لتنافيه مع حقوق الانسان الواردة في الاتفاقية التي وقعتها بريطانيا وتعد أحد اطرافها الفاعلة, وبالتالي تم اخلاء الطائرة من المهاجرين واعادتهم لأماكنهم في الفنادق البريطانية في ليلة مشهودة بقي الجميع على اعصابهم بانتظار حكم المحكمة.
صراع قانوني مرير في المحاكم البريطانية
قبل صدور قرار منع ترحيل المهاجرين الى رواندا, شهدت المحاكم البريطانية المختصة صراعات قانونية مريرة وشرسة بين محامي حقوق الانسان والرافضين للخطة مع نظرائهم من الحكومة. وكان هناك جدل طويل خلال العام الماضي حول ما إذا كان مخطط رواندا قانونيًا بالفعل.
وفي يونيو/حزيران، قضت محكمة الاستئناف بعدم صحة ذلك، و وجوب منع ترحيل المهاجرين الى رواندا قائلة إن الدولة الأفريقية ليست مكانًا آمنًا لإرسال طالبي اللجوء إليه. كما حذرت من أن هذه السياسة تنتهك أجزاء من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR). وتجدر الاشارة هنا الى أن السيدة سويلا برافرمان كانت من بين النواب المحافظين الذين دعوا المملكة المتحدة إلى الانسحاب من هذه الاتفاقية لشرعنه ترحيل المهاجرين.
وبالتالي ألغى قرار محكمة الاستئناف حكمًا سابقًا للمحكمة العليا، والذي قضى بأن المشروع قانوني. واليوم صدر بشكل نهائي حكم يقضي في نصه منع ترحيل المهاجرين الى رواندا.
تضارب بالآراء في حزب المحافظين بعد قرار المحكمة الادارية العليا
وقع قرار المحكمة الادارية العليا البريطانية والقاضي بنصه منع ترحيل المهاجرين الى رواندا وقوع الطير على حزب المحافظين الحاكم ورئيسه ورئيس الوزراء ريشي سوناك, والذي يتعرض لضغوط شديدة جعلته يقيل وزيرة الداخلية سويلا برافرمان ويفتح على نفسه جبهة قوية داخلية إزاء اليمين المتطرف في الحزب.
وتباينت ردود الأفعال داخل الحزب بعد قرار منع ترحيل المهاجرين الى رواندا وكانت:
ريشي سوناك
كان الأكثر تضررا من القرار لأنه أصبح بمثابة الغير وفي بوعوده التي اطلقها عند تسلمه منصبه السياسي الرفيع بالقضاء على ظاهرة القوارب التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين. والآن يعيش تحت نار الانتقادات اللاذعة والهجوم الشرس من قبل اعضاء حزبه وخاصة من سويلا برافرمان التي اتهمته بالتقصير وعدم الوفاء بوعده وانه لا يمتلك خطة بديلة, وهجوم حزب العمال المنافس بطبيعة الحال.
وفي رد سريع، قال سوناك إن الحكومة “ستفكر الآن في الخطوات التالية”. وقال داونينج ستريت إنه تحدث مع الرئيس الرواندي بول كاجامي في أعقاب قرار المحكمة وشدد على التزامه بالخطة.
ويسعى رئيس الوزراء الآن مع وزراءه بعد قرار منع ترحيل المهاجرين الى رواندا جاهدين لإيجاد طرق لإحياء المشروع وسط دعوات واسعة النطاق لإلغائه نهائيًا. وقد رفض السيد سوناك الاعتذار عن إهدار عشرات الملايين من أموال دافعي الضرائب بعد أن سخر منه زعيم حزب العمال كير ستارمر قائلاً:
- “لقد أهدر كل وقته في وسيلة للتحايل والآن ليس في أي مكان على الإطلاق”.
لي اندرسون
نائب رئيس حزب المحافظين، لي أندرسون، قال إن الحكومة يجب أن “تتجاهل القوانين” وتعيد المهاجرين “مباشرة” في يوم وصولهم إلى المملكة المتحدة. ووصف حكم المحكمة العليا بأنه “يوم مظلم للشعب البريطاني”، مضيفًا: “رأيي هو أننا يجب أن نضع الطائرات في الهواء الآن ونرسلها إلى رواندا ونظهر القوة”.
جيمس كليفرلي
قال وزير الداخلية الجديد ,جيمس كليفرلي, إن الحكومة تعمل على إبرام معاهدة جديدة مع رواندا من شأنها معالجة مخاوف القضاة من إمكانية إعادة طالبي اللجوء إلى وطنهم. وأضاف أن الحكومة مستعدة لتغيير القوانين إذا استمرت في عرقلة الخطة، لكنه أضاف:
- “لكننا لن نطرح مقترحات لمجرد إثارة خلاف غير ضروري لتحقيق مكاسب سياسية”. قوبلت هذه الملاحظة بالضحك في مجلس العموم.
سويلا برافرمان
ناتالي إلفيك
وهي النائبة المحافظة عن منطقة ميناء دوفر الذي غالبا ما يقصده المهاجرون الغير شرعيون عند قدومهم لشواطئ المملكة المتحدة. وقالت ناتالي:
إن الاتفاق مع فرنسا أصبح الآن أفضل طريقة لمنع القوارب الصغيرة من عبور القناة الإنجليزية. واعترفت بأن حكم المحكمة العليا بشأن رواندا “يعني أن هذه السياسة قد وصلت فعليا إلى نهايتها”. وأضافت: “لن تغادر أي طائرات، ونحن الآن بحاجة إلى المضي قدمًا”. “هناك حاجة الآن إلى سياسة جديدة.” في اشارة الى قرار المحكمة الذي ينص على منع ترحيل المهاجرين الى رواندا.
حكم المحكمة بنظر نشطاء حقوق الانسان
كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد قادت المعارضة للمشروع القاضي بترحيل المهاجرين الى رواندا، والذي رفضته جماعات حقوق الإنسان ووصفته بأنه صفقة “أموال قذرة مقابل البشر”.
وقال ستيف سميث، من مؤسسة Care4Calais الخيرية للاجئين، إن الحكم كان “انتصارًا للإنسانية”. وقال: “لقد تم إنفاق مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية على هذه السياسة القاسية، والإيرادات الوحيدة التي تحصل عليها الحكومة هي الألم والعذاب الذي لحق بالآلاف من الناجين من الحرب والتعذيب والعبودية الحديثة التي استهدفتهم بها. حكم اليوم يجب أن ينهي هذه العلامة المخزية في تاريخ المملكة المتحدة”.
وقال المتحدث باسم الشؤون الداخلية للحزب الليبرالي الديمقراطي أليستر كارمايكل: “كان واضحًا منذ البداية أن مخطط رواندا الذي وضعه المحافظون كان محكومًا عليه بالفشل. ليس هذا الأمر غير أخلاقي وغير عملي ومكلف للغاية لدافعي الضرائب فحسب، بل أكدت المحكمة العليا أنه غير قانوني أيضًا.
وقد وصف الناشطون في مجال حقوق الإنسان القرار بأنه “انتصار للعقل والرحمة”.
ورغم أن القرار سيؤدي إلى تكثيف الدعوات للمملكة المتحدة بالانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) – وهي قضية دافع عنها المحافظون اليمينيون بما في ذلك السيدة برافرمان. لكن الحكم يوضح أن هذا لن يحدث فرقًا كبيرًا.
سوناك يواجه خطر الانقلاب وبداية بيانات حجب الثقة في البرلمان
في خضم خيبات الأمل الكثيرة التي باتت تطارد ريشي سوناك وأخرها كان قرار منع ترحيل المهاجرين الى رواندا, بدأ الرجل بفقدان ثقة أعضاء حزبه, ومما زاد الطين بلة صراعه مع زعيمة التيار اليميني المتطرف في حزب المحافظين سويلا برافرمان ,والذي تفاقم بعد إقالته لها قبل أيام والرد العنيف الذي عبرت عنه في رسالتها التي خصت بها رئيس الوزراء و وصفته باتهامات كبيرة خاصة أنه لا يصلح لقيادة البلاد.
كل هذا شجع بعض أعضاء حزب المحافظين على التقدم بخطابات للبرلمان البريطاني لحجب الثقة عن رئيس الوزراء, وقد كشفت السيدة أندريا ,وهي عضو برلماني عن حزب المحافظين ,في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها قدمت خطاب سحب الثقة الخاص بها إلى رئيس لجنة المحافظين لعام 1922 المكونة من أعضاء البرلمان. وقالت في رسالتها:
“لقد طفح الكيل. إذا لم يكن الأمر سيئًا بما فيه الكفاية أن يكون لدينا زعيم حزب رفضه الأعضاء، فإن استطلاعات الرأي تظهر أن الجمهور يرفضه، وأنا على اتفاق تام. لقد حان الوقت لريشي” . سوناك للذهاب.” وكما اسلفنا ما زاد الطين بله هو قرار منع ترحيل المهاجرين الى رواندا الذي صدر اليوم عن المحكمة.
وتعتبر السيدة اندريا أول نائبة من حزب المحافظين تعلن علناً أنها قدمت خطاب حجب الثقة إلى رئيس الوزراء – وحثت أعضاء البرلمان المحافظين الآخرين على “أن يحذوا حذوها”. وبموجب قواعد الحزب، يجب على 15% على الأقل من أعضاء الحزب البرلماني – أكثر من 50 نائبًا – تقديم خطاب إلى رئيس لجنة 1922 السير جراهام برادي لبدء تفعيل القرار. فهل سيصمد سوناك أمام كل هذه التحديات القادمة؟ وماذا سبفعل في مواجهة قرار منع ترحيل المهاجرين الى رواندا !؟