المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم في 2024
الاسباب التي جعلت المشردون في بريطانيا الأسوأ في العالم ,وهل من حلول كامنة في اعانات السكن ؟
المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم ,يعتبر التشرد آفة اجتماعية توهن جسد المجتمع السليم وتحاول المجتمعات دائما الحد من هذه الظاهرة وجعل المجتمع منتج معافى قادر على النهوض عليما وفكريا وثقافيا واقتصاديا, ورغم جهل أغلبنا بمعنى التشرد الاجتماعي الحقيقي ,وتصور بعض الصور والشكليات لهذا التشرد كالنوم في الحدائق والشوارع والتسكع على الارصفة ,إلا أن الوضع مختلفة عن تلك الذهنية النمطية كما سنتابع في سطور المقال.
المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم
نقص المساكن وتآكل الإسكان الاجتماعي وتضاؤل الدعم الحكومي أفقر عشرات الآلاف من البريطانيين وجعلهم فريسة لأخطر الآفات الاجتماعية التي تواجه المجتمع. وهذا الوضع الاقتصادي المتردي جعل المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم.
يتصور كثيرون أن المشردين هم غالباً أفراد ينامون في العراء، مدفوعين إلى هذا الوضع بسبب مشاكل ناجمة عن تعاطي المخدرات أو ما شابه. ومن هذا المنطلق، قد يعتقد المرء أن الولايات المتحدة ستتصدر أي مقارنة دولية في هذا المجال، لكن هذا الاعتقاد خاطئ، فالشكل الرئيسي للتشرد يتمثل في العيش في أماكن سكنى مؤقتة، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم القدرة على تحمل تكاليف السكن.
ولا تعد الولايات المتحدة حتى قريبة من الأسوأ في هذا التصنيف، إذ تحمل المملكة المتحدة هذا اللقب المخزي، حيث أن المشردون في بريطانيا يعتبرون الأسوأ على مستوى العالم, إذ يعيش واحد من كل 200 أسرة في أماكن سكنى مؤقتة خارج نطاق قطاع الإسكان الرسمي.
أقرأ أكثر:
- مأساة عائلة في بريطانيا ,ياسين عمراني أجبرت عائلته على التشرد والسكن في منزلين مختلفين
- لندن عاصمة الجريمة في 2024 وجرائم الطعن تتصاعد
- نصائح توفير المال في السفر الجوي من بريطانيا في 2024
وثمّة سمة معينة من الإهمال وعدم الاهتمام مرتبطة بالسكن المؤقت في المدن البريطانية، لكنه يمثل أكثر من 80% من حالات التشرد في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنها المملكة المتحدة حيث أن المشردون في بريطانيا يعتبروا الأكثر سوءا على مستوى العالم.
التشرد في العالم وفي بريطانيا
يعيش مئات الآلاف في جميع أنحاء العالم المتقدم في هذا العالم الهامشي والهش، لكن سجل بريطانيا في هذا الصدد مروع، فوفق دراسات مختصة من معاهد وهيئات تعنى بدراسة سلوكيات المجتمع ,خلصت الى نتيجة مفادها أن المشردون في بريطانيا هم الأسوأ على مستوى العالم في هذا النطاق.
فبعد انخفاض لعدة سنوات، تضاعف عدد الأسر التي تعيش في مساكن مؤقتة بإنجلترا بين عامي 2010 و2023 من 48 ألفاً إلى 112 ألفاً، وهو أعلى رقم منذ بدء التسجيل. وأذكر أرقام إنجلترا هنا لأنها تمتلك البيانات الأكثر اكتمالاً من بين الأمم الأربع في المملكة المتحدة، ولكن الأخرى ليست بأفضل حال، إن لم تكن أسوأ.
وغالباً ما تكون الظروف في هذه المباني مروعة؛ مع تفشي الرطوبة والعفن، وكذلك الإصابة بالحشرات وأمراض الحيوانات، ويتسبب اضطراب التنقل من مكان إلى آخر في ترك البالغين للعمل والأطفال للمدرسة.
احصائيات مقلقة جعلت المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم
خلال السنوات الخمس الماضية وحدها، جرت الإشارة إلى الحالة الخطيرة للمساكن المؤقتة كعامل مساهم في وفاة 55 طفلاً في إنجلترا، كما تفرض هذه الترتيبات تكاليف باهظة على المجالس المحلية، التي أنفقت في العام الماضي قرابة 1.8 مليار جنيه إسترليني على ملاجئ الطوارئ، وهو رقم زاد بأكثر من الضعف بالقيمة الحقيقية على مدى العقد الماضي.
ويعزى هذا السيناريو الشنيع إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي:
- معدلات بناء المنازل غير الكافية على الإطلاق لاستيعاب النمو السكاني المضطرد في المملكة المتحدة.
- تضاؤل قطاع الإسكان الاجتماعي وتراجع دوره.
- تآكل الدعم المالي لغير القادرين على تحمل الإيجارات السائدة رغم محاولات حثيثة من وزارة العمل وشؤون التقاعد للمساعدة في برامج الاسكان ودعم الايجار.
وبالنسبة إلى حجم السكان، فإن المملكة المتحدة تبني منازل أقل من الغالبية العظمى من البلدان المتقدمة الأخرى, وهو الأمر الأساسي المتعلق بالتشرد ، وقد أدّى ذلك إلى ارتفاع إيجارات القطاع الخاص بشكل كبير، وتفاقم الوضع سوءاً بسبب انكماش قطاع الإسكان الاجتماعي بنسبة 25% منذ السبعينيات، مما أدى إلى إغلاق صمام بالغ الأهمية ببطء.
الاسكان عائق أمام حل المشكلة
إن فقدان المنزل يدفع الناس إلى دوامة من اليأس والحرمان، كما أن عدم القدرة على تحمل الإيجار هو المصدر الأسرع نمواً للتشرد في إنجلترا. وهو أهم عامل جعل المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم .
ويمكن أن يكون هناك ميل لدى بعض اليساريين إلى تجاهل أهمية الإسكان الجديد بأسعار السوق في معالجة مسألة توفير المساكن بأسعار معقولة، ويرفض البعض في اليمين دور الإسكان المدعوم، فيما هناك حاجة إلى كل منهما.
وهناك إشادة بمدن مثل: فيينا وهلسنكي، باعتبارهما جنة؛ حيث تتوفر القدرة على تحمل التكاليف، مع التركيز على دور الإسكان الاجتماعي، لكن كلاهما تبني أيضاً المزيد من المساكن بأسعار السوق أكثر من لندن على سبيل المثال.
وبالنسبة للذين يقفون على شفا حافة التشرد، يعتبر الإسكان الاجتماعي حماية أساسية، لكن كما تظهر التطورات الأخيرة في فيينا، إذا فشل العرض الإجمالي في مواكبة الطلب، فإن الضغط المتزايد على الأسعار والإيجارات يجعل الإسكان الاجتماعي أقل جدوى.
اعانات السكن لا تلبي المتطلبات في بريطانيا
تفاقمت مشاكل التشرد في المملكة المتحدة الخاصة بإعانات السكن لتسبب في جعل المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم؛ وذلك بسبب التجميد المتكرر لإعانات الإسكان. ووفقاً لتحليل أجراه معهد الدراسات المالية، انخفضت نسبة المنازل المؤجرة من القطاع الخاص في إنجلترا؛ حيث يتم تغطية الإيجارات من خلال إعانات الإسكان من واحد من كل 6 إلى واحد من كل 20 في غضون 10 سنوات فقط.
وحتى السياسات التي تهدف إلى تخفيف التشرد تتعثر بسبب عدم كفاية المعروض. وفي عام 2020، بدأت إنجلترا تجربة ما يسمى بنهج «الإسكان أولاً»، والذي يُنسب إليه الفضل في نجاح النمسا وفنلندا في الحد من التشرد. ووفقاً لهذا النهج، يتم تزويد الأشخاص الذين يفقدون منازلهم بمسكن دائم جديد على الفور، بدلاً من الانتقال التدريجي من نزل إلى سكن محمي إلى سكن مستقل في نهاية المطاف عندما يثبتون استعدادهم.
وفي الحالات التي كانت فيها إعادة الإسكان ممكنة، كانت النتائج رائعة، لكن تقريراً عن المشروع التجريبي أشار إلى أن الحصول على سكن مناسب وبأسعار معقولة لا يزال يشكل تحدياً كبيراً.
في بعض الأحيان، يمكن أن يبدو خطاب «بناء المزيد من المساكن» وكأنه حكر على المهنيين الشباب وصانعي السياسات، ويبتعد عن التجارب اليومية لأولئك الذين يقفون على شفا الإفلاس.
لا يمكن أن يكون هذا أبعد من الحقيقة، فأزمة التشرد هي في جوهرها أزمة في المعروض من المساكن والقدرة على تحمل تكاليفها، وفي كلتا الحالتين فإن المشردون في بريطانيا الأسوأ على مستوى العالم ولا حلول تلوح في الأفق للخروج من هذا المأزق.
المصدر : جريدة البيان الاماراتية نقلا عن الصحفي البريطاني :
- جون بيرن مردوخ